[1][خ/93] ... ولا ولاية للابن على أمه
بالبنوة عند الشافعي([2]). وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : تثبت له الولاية، وقدمه
مالك وأبو يوسف على الأب. وقال أحمد : الأب أولى، وفي الجد عنده روايتان وهو قول
أبي حنيفة.
﴿فصل﴾ ولا
ولاية للفاسق عند الشافعي([3])
وأحمد([4]).
ومن أصحابه من قال: إن كان الولي أبا أو جدًّا فلا ولاية له مع الفسق، وإن كان غيرهما
من العصبات تثبت له الولاية مع الفسق([5]).
وقال أبو حنيفة ومالك: الفسق لا يمنع الولاية([6]).
﴿فصل﴾ وإذا
غاب الولي الأقرب إلى مسافة تقصر فيها الصلاة، زوّجها القاضي لا الأبعد من العصبة
عند الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد([7]):
إن كانت العصبة منقطعة انتقلت الولاية إلى الأبعد، وإن كانت غير منقطعة لم تنتقل.
والمنقطعة عند أبي حنيفة وأحمد هو الغيبة بمكان لا تصل إليه القافلة في السنة إلا
مرّةً واحدةً([8]).
وإذا غاب الولي عن البكر وخفي خبره ولم يعلم له مكان، قال مالك: يزوّجها أخوها
بإذنها، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه خلافاً للشافعي.
﴿فصل﴾ وللأب
والجدّ عند الشافعي تزويج البكر بغير رضاها صغيرةً كانت أو كبيرةً([9])، وبه قال مالك في الأب([10])، وهو أشهر الروايتين عن أحمد في الجدّ. وقال أبو حنيفة:
تزويج البكر البالغة العاقلة بغير رضاها لا يجوز لأحد بحال([11]). وقال مالك وأحمد -في إحدى الروايتين-: لا يثبت للجدّ
ولاية الإجبار ولا يجوز لغير الأب تزويج الصغيرة حتى تبلغ وتأذن([12]). وقال أبوحنيفة: يجوز لسائر العصبات تزويجها غير أنه لا
يلزم العقد في حقّها فيثبت لها الخيار إذا بلغت، وقال أبويوسف: يلزمها عقدهم([13]).
﴿فصل﴾ والبكر([14])
إذا ذهبت بكارتها بوطي([15])
-ولو حراماً- لم يجز تزويجها إلاّ بإذنها إن كانت بالغةً، فإن كانت صغيرةً فحتى
تبلغ وتأذن. فعلى هذا، إذا نزلت البكارة قبل بلوغها لم تزوج عند الشافعي حتى تبلغ سواء كان المزوج أبا أو غيره. وقال أحمد: إذا بلغت تسع
سنين صحّ إذنها في النكاح وغيره([16]).
﴿فصل﴾ والرجل
إذا كان [خ/94] هو الوليّ للمرأة -إما بنسب أو ولاء أو حكم- كان له أن يزوج نفسه
منها عند أبي حنيفة ومالك على الإطلاق. وقال أحمد: توكل غيره؛ لئلا يكون موجبا
قابلا. وقال الشافعي: لا يجوز له القبول بنفسه ولا توكيل غيره بل يزوجه حاكم غيره
ولو خليفته. قال بعض أصحابه بالجواز وبه عمل أبو يحيى البلخي([17])
-قاضي دمشق- فإنه تزوج امرأة ولي أمرها من نفسه([18]). وكذلك من أعتق أمته ثم أذنت له في نكاحها من نفسه، جاز
له عند أبي حنيفة ومالك أن يلي نكاحها من نفسه. وكذلك من له بنت صغيرة، يجوز له أن
يوكل من خطبها منه في تزويجها من نفسه عند مالك وأبي حنيفة وصاحبيه.
﴿فصل﴾ إذا اتفق
الأوليا والمرأة على نكاح غير الكفو([19])،
صحّ العقد عند الثلاثة. وقال أحمد: لايصح. وإذا زوّجها أحد الأولياء برضاها من غير
كفو لم يصح عند الشافعي. قال مالك: اتفاق الأولياء واختلافهم سواء، وإذا أذنت في
تزويجها بمسلم فليس لواحد من الأوليا اعتراض في ذلك، وقال أبوحنيفة: يلزم النكاح.
﴿فصل﴾ والكفاة([20]) عند الشافعي([21]) في خمسة؛ الدين والنسب والصنعة والحرية والخلو من
العيوب([22])، وشرّط بعضهم اليسار. وقول أبي حنيفة كقول الشافعي،
لكنه لم يعتبر الخلو من العيوب([23]). ولم يعتبر محمد بن الحسن الديانةَ في الكفاة([24]) إلاّ أن يكون بحيث يسكر ويخرج فيسخر منه الصبيان. وعن
مالك أنه قال: الكفاة في الدين لا غير([25]). وقال ابن أبي ليلى: الكفاة في الدين والنسب والمال،
وهي رواية عن أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: والمكسب، وهي رواية عن أبي حنيفة. وعن
أحمد رواية كمذهب الشافعي، وأخرى إنه يعتبر الدين والصنعة([26]). ولأصحاب الشافعي في السن وجهان، كالشيخ مع الشابة،
وأصحهما لا يعتبر([27]).
﴿فصل﴾ وهل فقد
الكفاة يوثر في بطلان النكاح أم لا ؟ قال أبو حنيفة: يوجب للأولياء حق الاعتراض([28]). وقال مالك: يبطل النكاح. والشافعي قولان أصحّهما
البطلان إلاّ إذا حصل معه رضى الزوجة والأولياء([29]). وعن أحمد روايتان([30]) أظهرهما ...
***
قائمة المراجع
:
1-
القاموس المحيط ، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز
آبادي، المحقق : يوسف الشيخ محمد البقاعي، دار الفكر، بيروت-لبنان، سنة الطبعة
1432هـ -2010.
2-
تحفة المحتاج، أحمد بن حجر الهيتمي، دار الفكر،
بيروت-لبنان، سنة الطبعة 1427 هـ -2006
م .
3-
حواشي الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج بشرح
المنهاج لابن حجر الهيتمي، دار الفكر، بيروت-لبنان، سنة الطبعة 1427هـ-2006م,
4-
روضة الطالبين وعمدة المفتين، النووي، المكتب
الإسلامي، بيروت-لبنان، الطبعة الثالثة، 1412هـ-1991م.
5-
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين ابن شهاب
الدين الرملي ( ت. 1004 هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان، الطبعة
الأولى، 1426 هـ-2005م.
6-
منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه، أبو زكريا محيي
الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)، المحقق: عوض قاسم أحمد عوض، دار
الفكر، بيروت-لبنان، الطبعة: الأولى، 1425هـ/2005م.
7-
طبقات الشافعيين، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير
القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق: د أحمد عمر هاشم، د محمد زينهم
محمد عزب، الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، تاريخ النشر: 1413 هـ - 1993 م .
8- تهذيب
الأسماء واللغات، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)، دار
الكتب العلمية، بيروت – لبنان، عدد الأجزاء: 4.
9-
مختصر العلامة خليل، خليل بن إسحاق بن موسى، ضياء الدين
الجندي المالكي المصري (المتوفى: 776هـ)، المحقق: أحمد جاد، القاهرة- مصر، دار
الحديث/القاهرة،الطبعة: الأولى، 1426هـ/2005مـ
10-
المدونة، مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني
(المتوفى: 179هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، الطبعة: الأولى، 1415هـ -
1994م.
11-
دقائق أولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى
الإرادات، منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلى
(المتوفى: 1051هـ)، عالم الكتب،الطبعة: الأولى، 1414هـ - 1993م.
12-
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو
الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي (المتوفى: 885هـ)، الناشر:
دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، عدد الأجزاء: 12
13-
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو
الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي (المتوفى: 885هـ)، الناشر:
دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، عدد الأجزاء: 12
14-
الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي وهو شرح مختصر
المزني، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي
(المتوفى: 450هـ)، المحقق: الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود،
دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1419 هـ -1999 م .
15-
الأم، الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن
عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي المكي (المتوفى: 204هـ)،
دار المعرفة، بيروت-لبنان،سنة النشر: 1410هـ/1990م
16-
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ،
عثمان بن علي بن محجن البارعي، فخر الدين الزيلعي الحنفي (المتوفى: 743
هـ)،الحاشية: شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن إسماعيل بن يونس
الشِّلْبِيُّ (المتوفى: 1021 هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية - بولاق، القاهرة،
الطبعة: الأولى، 1313 هـ.
17-
فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي
المعروف بابن الهمام (المتوفى: 861هـ)، دار الفكر،عدد الأجزاء: 10.
18-
المغني لابن قدامة، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن
أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة
المقدسي (المتوفى: 620هـ)، مكتبة القاهرة، القاهرة – مصر، تاريخ النشر: 1388هـ -
1968م.
19-
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين، أبو بكر بن
مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي (المتوفى: 587هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان،
الطبعة: الثانية، 1406هـ - 1986م.
منح الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن أحمد بن محمد
عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ)، الناشر: دار الفكر – بيروت،تا
الحمد
لله الذي أعطى كل ذي فضل فضله حسبما كان أليق به وأحرى، ودبر العالم بحكم لاتبدل
ولا تماري. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه مصابيح ونجوم الهداية
للأمم. أما بعد : فهذا كتيبة موجزة تعبر عن تحقيق باب من أبواب النكاح من كتاب
رحمة الأمة في اختلاف الأئمة لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الدمشقي العثماني
الشافعي رحمه الله تعالى المعروف بقاضي صفد، فقيه من أهل دمشق وهو من علماء قرن
الثامن الهجري. ونسأل الله تعالى أن ينفعنا
به وبعلومه في الدارين آمين.
فقد نبه المؤلف في
مقدمة الكتاب بقوله : إذا كان في المسئلة خلاف لأحد من الأئمة الأربعة اكتفيت بذلك
ولا أذكر من خالف فيها من غيرهم فإن لم
يكن أحد منهم خالف في تلك المسألة وكان فيها خلاف لغيرهم احتجت إلى ذكر
المخالف ليظهر أن في المسئلة خلافا. اهـ
[3]-انظر روضة الطالبين وعمدة المفتين
(7/ 64).
[5]-مذهب الشافعية في منع الولاية
للفاسق ليس على الإطلاق بل إنهم يقولون بعدم بطلان ولاية الإمام الأعظم بالفسق؛
وذلك لتعلق المصالح الكلية بولايته. انتهى كلام الإمام النووي في الروضة (6/312).
[7]-انظر الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 76)، شرح منتهى
الإرادات للبهوتي الحنبلي (2/ 641)، المغني لابن قدامة (7/ 32).
[9]-انظر الأم للإمام الشافعي (5/19)،
الحاوي الكبير للماوردي (9/52)، المهذب للشيرازي (2/429)، المجموع شرح المهذب
(16/165)، روضة الطالبين للنووي (7/53)، منهاج الطالبين للنواوي (ص 206).
[10]- انظر المدونة للإمام مالك (2/
103).
[11]- انظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
وحاشية الشلبي للزيلعي (2/ 118)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع
للكاساني (2/ 242).
[13]- انظر الهداية في شرح بداية المبتدي
للمرغيناني (1/ 193).
[14]-خلاصة الموضوع في البكر والثيب عند الأئمة، أنهم اتفقوا في أن من زالت بكارتها بدون وطء فحكمها حكم البكر عند الجميع.
فالثيب هي التي زالت بكارتها بوطء في القبل ، سواء زالت بكارتها بحلال أم بحرام،
وهذا مذهب الشافعية والحنابلة. ويرى الحنفية والمالكية أن من زالت بكارتها بزنا
تأخذ حكم البكر ما لم يتكرر ذلك منها، فإن تكرر زناها تأخذ حكم الثيب فيعتبر رضاها
بالنطق؛ لأن حكم البكارة يذهب منها بذهاب الحياء.
[15]-هكذا في المخطوط،على لغة حذف
الهمزة.
[17]-هو ولي قضاء دمشق أيام المقتدر، وكان
من كبار الشافعية , وأصحاب الوجوه، وله اختيارات غريبة، وروى الحديث عن عبد الرحمن
بن مرزوق المروزي، وعبد الصمد ابن الفضل البلخي، وأبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد
بن سعد العوفي، ومحمد بن الفضل البخاري، ويحيى بن أبي طالب وجماعة، وعنه: أبو بكر ابن
المقري، وأبو بكر بن أبي الحديد، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر، وأبو زرعة، ابنا أبي
دجانة، وأبو الحسين الرازي، وغيرهم، مات سنة ثلاثين وثلاث مائة(330 هـ). اهـ ، أبو
فداء الدمشق(المتوفى سنة 774)، طبقات الشافعيين (ص: 252).
[19]-هكذا في المخطوط، و "
الكفو" في اللغة بضم الفاء وبالواو، وبها قرأ حفص وغيره. كما ذكر في التعليق
في القاموس في مادة [ ك ف أ ] والكفو بمعنى المثل.
[20]-هكذا في المخطوط، لعل هذا على لغة
حذف الهمزة، وفقد تقدم في الكلام عند قوله : الكفو.
[21]- انظر الحاوي الكبير للماوردي (9/
100).
[22]- انظر منهاج الطالبين وعمدة المفتين
في الفقه للنووي (ص: 209) وفي روضة الطالبين وعمدة المفتين (7/ 80)، نهاية المطلب في دراية المذهب للجويني
(12/ 163).
[24]- انظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع
للكاساني (2/ 320)، فتح القدير للكمال ابن الهمام (3/ 300).
[25] - فقد اختلف عند المالكية ، بعضهم
قال أنها ستة، وقول عبد الوهاب بأن المذهب أن الكفاءة تعتبر في الدين والحال أيضا،
وقال ابن حاجب بأنه اختلف في الكل إلا الإسلام كما ذكره صاحب شرح منح الجليل على
مختصر الخليل (3/ 323).
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم، وأعزم وأكرم.
والحمد لله أولا وآخرا وصلاته وسلامه على ختام المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.