Kamis, 20 Desember 2012

تفسير بلاغي في سورة المسد


ا


بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير بلاغي في سورة المسد
( تبت يدا أبي لهب وتب () ما أغنى عنه ماله وما كسب () سيصلى نارا ذات لهب () وامرأته حمالة الحطب () في جيدها حبل من مسد () ) [ المسد:1-5]

( تبت يدا أبي لهب وتب ())
سماه القرآن بكنيته دون اسمه؛لأن في اسمه عبادة العزّى ولا يقرّون القرآن ذلك. وكنّى بأبي لهب كنايةً عن كونه جهْنميّا؛ لأنّ اللهب ألسنة النار إذا اشتعلت وزال عنها الدخان. وفي هذه الكنية ما يتأتى به التوجيه بكونه صائرا إلى النار. فبهذا كانت الكناية هي الكناية عن الصفة. لكون الكناية مقولة من الوصف، كشجاع وجواد وحسن. واسمه الأصلي عبد العزى بن عبد المطلب، وهو عمّ النبي -صلى الله عليه وسلم-. وغرض تسميته بذلك كان تحقيرا له.
وكلمة  ﭽ إما أن نؤولها على حقيقتها وإما أن نؤولها على ما تأثر اليد إليه وكان من أثراليد هو العمل. فبهذا ،كانت اليد مجازا عن العمل، وعلاقته الآلية. وذلك إطلاق اليد ويراد بها الأثر الذي ينتج عنها وهو العمل. وإسناد التّب إلى اليدين لما رُوي من أنّ أبا لهب لماّ قال للنبي: "تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟" أخذ بيده حجراً ليرميه به.
وقد قيل أن اليد استعارة، وليس التب إلى يداه فقط أو إلى عمله فقط، بل هو نفسه والمراد به تب هو. بدليل أن الآية بعدها تبين لنا أن الله تعالى سيغشاه نارا ذات لهب.
فكلمة الأولى جار مجرى الدعاء والثانية ﮌ  ﮍ   إخبار أي وقد تب، و"قد" للتوكيد.
(ما أغنى عنه ماله وما كسب ()
كلمة ﭼ     نؤوله على حقيقته، وكذلك كلمة ﮒ   ﮓﭼ       . ولكن قيل على أن المراد بما كسب هو أولاده؛ لأن ولد الرجل من كسب أبيه. فبهذا التأويل كان لفظ "ما كسب" كناية عن ابنه. وذلك إطلاق اللفظ ويراد شيئا آخر مع قرينة لاتمنع من إرادة المعنى الحقيقي. وبهذا التأويل أيضا نكلف نفسنا لأنْ ندخل موضوع الاستعارة التبعية في الحرف وهو استخدام "ما" بمعنى "من" فـ"من" موضوع للعاقل و"ما" لغيره. ولايمكن أن نجرها (أي ما) للعاقل وهو الأولاد إلّا وقد حولناها إلى معنى "من".
(سيصلى نارا ذات لهب ())
لأنه سيصلى نارا ذات لهب يعنى أن أبا لهب باعتبار معناه الإضافي يصلح أن بكون كناية عن حاله وهى كونه جهنميا لأن معناه باعتبار إضافته ملابس اللهب كما أن معنى ابو الخير وأخو الحرب بذلك الاعتبار ملابس الخير والحرب واللهب الحقيقي لهب جهنم وهذا المعنى يلزمه أنه جهنمي ففيه انتقال من الملزوم إلى اللازم فهى كنية تفيد الذّم. وفيه مناسبة بين اسمه وبين كفره؛ إذ هو أبو لهب والنار ذات لهب. وفي وصف النار بذلك زيادة كشف لحقيقة النار وهو كالتوكيد.
(وامرأته حمالة الحطب ())
وهي هي أم جميل أخت أبي سفيان، وهي التي قالت: في محمد – عليه السلام - مذمما أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا. ولقد قيل أن "حمّالة الحطب" كنايةٌ عن المشي بالنميمة. فهي تفسد بين الناس تحمل الحطب بينهم فتوقد بينهم النائرة وتورث الشر.  وقيل أيضا أنه يحتمل أن الحطب كنايةٌ عن الوزر والذنب.  
(في جيدها حبل من مسد () )
الجيد هو العنق، والغالب في الشعر العربي أن كلمة "جيد" لا تستعمل في حال النساء إلا إذا كان عنقها موصوفا بالحسن؛لأن المرأة تُحلّى أجيادها. ولكن أم جميل لا حُليّ لها في الآخرة إلا الحبل المجعول في عنقها فلما أقيم لها ذلك مقامَ الحلي ذُكر الجيد معه.
والحبل هو ما يربط به الأشياء التي يراد اتصال بعضها ببعض وتقيد به الدابة والمسجون كيلا يبرح من المكان. وتقديم الخبر ﮞ  ﮟ   للاهتمام بوصف تلك الحالة الفظيعة التي عُوضت فيها بحبل في جيدها عن العقد الذي كانت تُحلّى به جيدها في الدنيا فتربط به إذ قد كانت هي وزوجها من أهل الثراء وسادة أهل البطحاء وقد ماتت أم جميلة على الشرك. والمسد هو ليف من ليف اليمن شديد والحبال التي تفتل منه تكون قوية وصلبة. والمعنى، فى عنقها حبلٌ مما مسد من الحبال وإنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها فى جيدها كما يفعل الحطابون تخسيسا لحالها وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن لتغضب من ذلك ويشق عليها ويغضب بعلها أيضا.
والله أعلم بالصواب

0 comments:

Posting Komentar

 
;